القائمة الرئيسية

الصفحات

مستجدات

             قصة مؤثرة (الحطّاب الفقير)                       

    يحكى أنه كان رجل فقير يعيش على جبل في منطقة نائية مع عائلته الصغيرة ووالدته التي أنهكها المرض ومتاعب الحياة،حيث كان يعمل حطابا يسترزق من بيع الحطب الذي لا يبيع منه إلا القليل لكن قناعته بذلك كانت أكبر،فلايكاد يجلب بضع دريهمات إلا وعاد إلى منزله فرحا يحمل معه بضع رغيف خبز وحليب لأطفاله الصغار وأمه المريضة،وعندما يصل إلى بيته يقابله أطفاله بأحضان دافئة فيغمرهم بحبه الكبير لهم .

فقد كان أطفاله المستقبل الذي ينظرإليه وينتظره ،فكان كل مساء يجتمع مع عائلته الصغيرة حول مائدة فارغة المأكولات لكنها مليئة بالحب والود وفيها تستحضر الجدة الحكايات الشيقة لأحفادها الصغار الذين ألفوا جدتهم الحنون التي لاتقوى هي كذلك على فراقهم،فكانوا رغم فقرهم ومرض الجدة يعيشون حياة سعيدة ،لاتكاد تغيب البسمة على وجوههم وهذا للقناعة التي كانوا يكتسبونها فكانت هذه العائلة محل أنظار الجميع فالكثير يحسدهم على عيشتهم السعيدة.
لكن مالبثت هذه السعادة فترة حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم أين خرج الأب كعادته في الصباح الباكر ليحتطب وقبل خروجه قبل ابنائه على جباههم وهم نيام ،وقبل يدي أمه بلهفة وعلى جبين زوجته رسم قبلة حب وعرفان ،فهم يشق طريقه إلى الغابة ليجلب رزق يومه وهو لايعلم ما ينتظره هناك وبصعوبة شديدة أمام البرد القارص والدروب الوعرة وصل إلى الغابة ،فرفع فأسه الساطع ليشق جذع شجرة هناك وماهي إلا دقائق من بداية عمله الشاق حتى أحس بألم شديد في قلبه وضيق في صدره ،فماكان عليه إلا أن يلقي بفأسه ويتكئ على شجرة لعل أشعة الشمس الساطعة التي أطلت تداوي ألمه وتزرع فيه النشاط ،لكن الألم كان يشتد ويشتد نعم إنه في صراع مع الموت ،فكان يرفع رأسه في ألم ويدعي ربه فيقول ...يارب هب لي مزيدا من العمر فأولادي وأمي بحاجة لي...لكن القدر أقوى من ذلك فقد أخذت بروحه إلى الحياة الأبدية .
 
وكعادة الأم بعد ذهاب زوجها للعمل همت بترتيب كوخها الصغير والجدة على سرير هناك امام موقد الكانون الدافئ وفي يدها مسبحتها التي تلازمها في كل وقت والأبناء خارجا يلهون بين اشجار العليق والحشائش الخضراء ،وماهي إلا لحضات حتى سمعت صوت جارهم ينادي من بعيد ونفسه يكاد يقف فخرجت الأم مهرولة.... ماذا هناك ياجاري !  مالذي يجري! ؟...فأجابها بحرقة البقاء لله ياجارتي فقد وجدنا زوجك ميتا في الغابة... 

وهنا بدأت المأساة لعائلة فقيرة تغمرها السعادة رغم الفقر بوجود أب يجمع شمل هذه العائلة بدفئه الكبير وهاهو اليوم يفترش ويغطيه التراب ،والأبناء الصغار كل مساء ينتظرون الأب الحنون كعادتهم وهم لايعلمون أن القدر فد أخذ أبوهم الى حياة أخرى غير حياتهم وهم في لقاءمع مأساة وألم بفراق ابيهم ،فهم اليوم ليسوا بحاجة لحليب وخبز بل بحاجة لحنان الأب الذي يضمهم في دفئ والجدة هناك تبكي بحرقة لفقدان فلذة كبدها ،ولكنها مؤمنة بقضاء الله وقدره،وهي تنظر بتفائل للأبناء الصغار الذين تركهم وترسم صورة جميلة لمستقبلهم القادم.
وبالفعل فقد كان المستقبل مزهرا بثمار النجاح الذي حققوه بصعوبة في ظل غياب الأب والفقر الشديد فقد أصروا على النجاح بثياب بالية وأقدام حفاة يرتادون المدرسة في خجل وفي نفوسهم ألف أمل وهاهو اليوم يتحقق الأمل،فجميهم تفوقوا في الدراسة وتحصلوا على أرقى المناصب وفي ذكراهم صورة أباهم الذي حققوا مت أجله النجاح.

فليس ببعيد لحقت الجدة بإبنها المتوفي في بقاع الأرض المقدسة الذي أهداها هذه الهدية احفادها الكرام ويالها من هدية فقد كانت حسن خاتمتها هناك ،وامهم المتواضعة اليوم تعيش بين أبنائها وزوجاتهم فقد ساروا على نهج أبيهم حيث تغمرهم المحبة والأخوة ،وهم لأمهم حافظون ومطيعون .

.....نعم إنها لمحة لحياة بسيطة بدأت بألم وإنتهت بأمل فحقا لابد ان نقطف مازرعنا في حياتنا فهم زرعوا القناعة التي كانت أساس سعادتهم وحصدوا السعادة التي ملئت حياتهم رغم الصعاب التي مروا بها .

المغزى من هذه القصة


*القناعة أساس السعادة وبعد كل ألم أمل *

                          

تعليقات